يحمل سعة الفقه الإسلامي وعبقريته وإبداعه، وهو العالم والأكاديمي والمحاضر في بحور الفقه الإسلامي المقارن، كما هو متسلح بميزان القانون حيث العدالة والتجرد ومتانة المرافعة، وخلال فترة وجيزة جداً أصبح معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، منذ تعيينه أميناً عاماً للرابطة في 12 أغسطس 2016م، الشخصية الإسلامية الأقوى حضوراً على الساحة الدولية، وربما الأقوى نفوذاً في مواجهة الهجمات على الإسلام؛ من الداخل الإسلامي مثلما من الخارج، وفي مساندة حقوق الأقليات، ومواجهة العنصرية والإسلاموفوبيا.
ولا جدال أن د. العيسى يتقدم اليوم الحرب على كل ما يشوِّه صورة الإسلام وحضارته العظيمة بشجاعة منقطعة النظير، بتفاني وإخلاص من لا يكثرت إلا بالحق الذي يدين الله به؛ بالدليل الشرعي القاطع؛ مهما كان صادماً لقناعات أو عصياً على استيعاب، وليكن بعدها ما يكون، وهو أبرز صاغة الفكر الإسلامي المعاصر الذي ينطلق من أساسٍ متينٍ من سماحة هذا الدين العظيم، وقيمه الإنسانية السامية، وصلاحيته لكل زمان ومكان.
هو لذلك عدو المتطرفين المحسوبين زوراً على الإسلام، ومؤرقُ جماعات الإسلام السياسي التي تريد الدين سلعة للتربح في ميدان السياسة؛ لاحَقهم في أشد مواقعهم تحصيناً، وفي أكثر مناطق راحتهم ونفوذهم، كاشفاً زيف أطروحاتهم وأفكارهم وممارساتهم؛ لدى الداخل الإسلامي مثلما لدى الخارج.. هذا الخبير بالفقه الإسلامي المقارن والضليع بالقانون الدولي والدستوري والجنائي، بات بالنسبة لهم الخطر الأكبر الذي يهدد وجودهم.
نال معالي الدكتور محمد العيسى درجة البكالوريوس في الفقه الإسلامي المقارن، وحصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في الدراسات القضائيّة المقارنة، وعلى دراسات في القانون العام -القانون الدستوري-، وترقى في درجات السلك القضائي حتى وصل إلى أعلى سُلَّم السلك بدرجة رئيس محكمة تمييز.
كما قَدَّم محاضرات داخل المملكة وخارجها عن الفقه الإسلامي ونظرياته القضائية، ولا سيما تشريعه الجنائي، إضافة إلى دراسات (مقارنة) بين الفقه الإسلامي والقانون الوضعي، كما ألقى عدداً من المحاضرات، وناقش رسائل علمية داخل المملكة وخارجها، في مختلف الموضوعات الشرعيّة والقانونيّة والفكريّة والحقوقيّة، وله عدة مؤلفات وبحوث وأوراق عمل ومقالات فقهيّة وقانونيّة وحقوقيّة وفكريّة، وعمل في مجالات ذات صلة بالشريعة والقانون.
لكن الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، في الوقت نفسه، رقمٌ صعب اليوم في التمثيل الإسلامي أمام العالم؛ في علاقات حضاراته وأديانه المتشابكة، وفي أكثر قضاياه المعاصرة إلحاحاً؛ المحاور الحاضر، الذي تصدى لمنصات الحوار (حول العالم) على امتداد سنوات عدة في أهم الجهات السياسية والفكريّة والحقوقيّة والأكاديميّة، وأبرز مراكز البحوث.. وصاحب المحاضرات الأكاديميّة، وناقش رسائل علميّة في كبريات الجامعات حول العالم، وبخاصة في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.
وبينما كان المسلمون غير محسوبين في طاولات الحوار وصناعة الصورة والتأثير، في الشأن المجتمعي والديني، لم يعد بإمكان الآخرين اليوم مناقشة القضايا الإنسانية الملحة وشؤون الشعوب الإسلامية ومشكلات أقلياتها من دون أن يكون هذا الصوت ذو الثقل والتقدير والمكانة الدولية حاضراً، لإبراز أهمية الإسهام الإسلامي الحضاري في تكريم الإنسان وحفظ حقوقه وعظمة عدالته والارتقاء بحياته من جهة، ومبيناً ومدافعاً عن الصورة الحقيقية للإسلام تجاه كل ما يلصق به زوراً، وشعاره “ليس من العدل أو المنطق أن يتحمل دين أو ثقافة أو أمة بأكملها مسؤولية أخطاء ومجازفات بعض أفراده.
من مكة إلى العالم؛ أخذ الدكتور محمد العيسى رابطة العالم الإسلامي إلى آفاق عالمية أوسع، فلا يكاد يخلو جدول أعماله من دعوة في شرق الأرض أو غربها؛ يقف أمام منصة برلمان ماداً يده بتحية الإسلام، أو يلتقي قيادة دينية لتغيير واقع صراع مفتعل وإعادة الوئام الطبيعي بين مكونات مجتمعية كانت تعيش آمنة مطمئنة قبل اقتحام التطرف أو الكراهية لواقعها.. أو يمد يد العون للإنسان؛ وبمنهج شرعي نبيل كسب القلوب، وحصد الإعجاب الدولي، وبخاصة المنظمات الأممية، بمعاملة الجميع على حد سواء “وفي كل كبد رطبة أجر”.
جهوده لتعزيز التعايش والسلام والتعريف بسماحة الإسلام حظيت بالترحيب في الشرق والغرب، فحاز التكريمات أينما حل في العالم أو ارتحل، وكُرم من عدد من الدول والهيئات والمؤسسات حول العالم، كان آخرها تكريم مملكة ماليزيا بمنحه أعلى ألقابها بدرجة “داتو سري” في حفل سلطاني أقيـم بهـذه المناسبة، وذلك تقديراً لجهوده في تعزيز قيم الوسطية والتعايش والسلام.
ومن التكريمات أيضاً على سبيل المثال لا الحصر، منحه من لجنة جائزة جاليليو الدولية جائزتها في تعزيز السلام والوئام عام 2018، وجائزة الاعتدال بالمملكة، ووسام الدولة الأكبر من رئيس السنغال،
ووسام السلام العالمي من رئيس سريلانكا، نظير جهوده في إخماد الفتنة بين المكونات المجتمعية في أعقاب التفجيرات الإرهابية في سريلانكا، والتي كانت الأقلية الإسلامية ستكون أشد المتضررين من نيرانها.
وكرّمته منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) بالدرع الذهبي للمنظمة تقديراً لجهوده في خدمة العمل الإسلامي المشترك، وتعزيز القيم الحضارية في السيرة النبوية، ولدعمه غير المحدود لقضايا المسلمين في العالم أجمع، وجهوده في إرساء السلم العالمي.
ونال جائزة “الهجرة النبويَّة” للشخصية الإسلامية الدولية الأكثر تأثيراً على مستوى العالم لعام 2021، من ملك ماليزيا، تقديراً لجهوده في إبراز الصورة الحقيقية للإسلام، ورسالته العظيمة للعالمين، وإسهاماته في تعزيز الوئام بين أتباع الأديان والثقافات ونشر السلام العالمي.
كما منحت الأمم المتحدة الدكتوراه الفخرية من الأمم المتحدة بجنيف، وذلك عبر جامعتها الأكاديمية جامعة السلام، تقديرًا لجهوده الاستثنائية في دعم الدبلوماسية الدولية، وتعزيز الصداقة والتعاون بين الشعوب، ونضاله المؤثر في مكافحة الكراهية.
ومنحته لجنة جائزة “باني الجسور” النرويجية جائزتها العالمية لعام 2021، لقيامه بعملٍ استثنائيٍّ في تجسير العلاقة بين أتباع الأديان والحضارات، وبوصفه قوةً عالميةً رائدةً في الاعتدال ومكافحة الأيديولوجيات المتطرفة، وصوتًا واضحًا ومتميزًا للسلام والتعاون بين الأمم والأديان، كما تم تقليده من فخامة رئيس جمهورية المالديف، السيد إبراهيم صالح، وسامَ الشرف بالجمهورية، تقديراً لجهوده في العمل على الوحدة الإسلامية، وتعزيز الوئام والسّلام في العالم.
هو مصدر فخر وطني وإسلامي، ومحل ثقة مستحقة من قيادة حكيمة ثاقبة الرؤية، وهو اليوم “خطيب عرفة”؛ محمد بن عبدالكريم العيسى.