سلطت تقارير صحفية محلية ودولية الضوء على زيارة الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى، إلى مملكة كمبوديا والذي جاءت بدعوة كريمة من جلالة ملك مملكة كمبوديا صاحب السمو نورودوم سيهاموني، لزيارة بلاده، مثمنا الدور الإنساني لرابطة العالم الإسلامي في العالم.
ونشرت العديد من الصحف المحلية والعربية والدولية ووكالات الأنباء والمواقع الإخبارية وقائع وتفاصيل الزيارة لحظة بلحظة، نظرا لأهمية هذا الحدث ومن منطلق دور رابطة العالم الإسلامي وجهود أمينها العام في التقارب بين الشعوب وأصحاب المذاهب والديانات المختلفة للتعايش بسلام ووئام وإرساء مبادي الدين الإسلامي في لم الشمل بين الأمم والشعوب.
وابرزت الصحف السعودية الصادرة صباح اليوم الثلاثاء 28 يونيو 2022، جانب من التغطية الشاملة للزيارة، والحفاوة الشديدة في استقبال الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي معالى الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى.
وإلى تفاصيل الزيارة ..
استقبل جلالة ملك مملكة كمبوديا صاحب السمو نورودوم سيهاموني، معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي رئيس هيئة علماء المسلمين الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى.
ونوّه معاليه بالنموذج الكمبودي في تحقيق وئام تنوعه الوطني, مثنياً على تميُّز هذا الوئام المشمول بمُكَوِّنه الإسلامي الذي يتمتع بكامل حريته الدينية، ويعيش أخوته الوطنية مع الجميع في صورة تعكس المستوى العالي للوعي والتلاحم الوطني.
من جهته أشاد ملك كمبوديا بالأثر الملموس لجهود الرابطة لتعزيز التحالف الحضاري بين التنوّع حول العالم، وتعزيز الوعي لدى المجتمعات المسلمة.
وزار الدكتور العيسى المركز الإسلامي في العاصمة الكمبودية “بنوم بنه”، والتقى بالقيادات الإسلامية الكمبودية التي أشادت بجهود الرابطة حول العالم, معبرين عن اعتزازهم بالسمعة التي تحظى بها لدى كبار القيادات السياسية والبرلمانية والدينية في كمبوديا كنموذج من بين النماذج الدولية التي تحتفي بالرابطة حول العالم مما ينعكس إيجاباً بشكلٍ كبيرٍ ومباشرٍ على الأقليات المسلمة.
كما ألقى معاليه خطبة الجمعة في الجامع الكبير بالعاصمة “بنوم بنه” بناءً على طلب القيادة الدينية الإسلامية في كمبوديا، وتناول في خطبته –التي شهدها مئات المصلين- أربعة محاور مركزية تهم المكونات الإسلامية في مجتمعاتها الوطنية.
والتقى العيسى بالبطريرك البوذي الأكبر لمملكة كمبوديا تيب فونغ، والبطريرك بور كري، اللذين أكدا أن الزيارة “تاريخية للشعب الكمبودي، مشددين على أهميتها لتعزيز التعاون بين أتباع الأديان.
كما استضافت الجامعة الملكية في بنوم بنه معالي الدكتور العيسى، وكان في استقباله معالي وزير التعليم الكمبودي، ومعالي الوزير الأول، ومعالي مدير الجامعة، بالإضافة إلى جمعٍ من الأساتذة والباحثين والطلاب، وكبار المسؤولين من القيادات المحلية، وهي تعدّ أكبر جامعة في البلاد، أنشئت قبل 62 عاماً، ويدرس فيها عشرون ألف طالبٍ في برامج البكالوريوس والدراسات العليا، حيث ألقى معاليه محاضرة بعنوان “قيمنا المشتركة والتحالف الحضاري”.
وعبّر معاليه عن تقديره للجامعة العريقة التي تخرّج منها عددٌ من القيادات الكمبودية، ثم أشاد بقيم التسامح والتعايش التي يتبنّاها الشعب الكمبودي، الذي أصبح نموذجاً مُلهماً في محاربة كل أشكال الكراهية والعنصرية والتمييز.
بعد ذلك تحدّث عن القيم المشتركة بين البشر، وعدها تجسيداً للتحضّر والوعي بكامل معانيه، فقد منحت هذه القيم كامل المكوّنات الوطنية في كمبوديا حقوقها كاملة، رغم الاختلاف في الدين والعرق، وهذا ما جعل كمبوديا الحديثة تعيش الأمن والاستقرار، والذي انعكس على النمو الوطني المتزايد، وعلى عمق المحبة بين فئات الشعب.
وأشار إلى أن القيم المشتركة هي الرابطة الإنسانية الأخلاقية، وأنها تعني التحالف الأخلاقي للتنوع الإنساني، سواء أكان تنوّعاً دينياً أو ثقافياً أو غير ذلك، وهي تعني أيضاً تأكيد أن التنوع بين البشر تجمعه نقاط يلتقي حولها، وهي كفيلة بإحلال السلام في عالمنا ومجتمعاتنا الوطنية.
ونبّه معاليه إلى أن التذكير بالقيم المشتركة غير كافٍ، بل لا بُدّ من العمل المشترك على ضوء هذه القيم، وأن يكون العمل جاداً وفاعلاً، وله أثر ملموس، ويمكن قياسه وتقويمه.
ثم تطرق إلى ملتقى الرياض الذي انعقد الشهر الماضي حول القيم الدينية المشتركة، وكان نقطةَ تحوّلٍ مهمة في العلاقة بين أتباع الأديان والحضارات، وقد شارك فيه عددٌ من المفكرين الدينيين والمسؤولين السياسيين المعنيين بتحالف الحضارات، وصدر عن هذا الملتقى إعلان تاريخي وهو إعلان القيم الإنسانية المشتركة، الذي أوصى بإنشاء منتدى للدبلوماسية الدينية من أجل بناء الجسور بين الحضارات، فيما أوصى بإصدار موسوعة عالمية للمشتركات الإنسانية، وهو ما تعمل عليه الرابطة مع شركائها.
لقاءاتٍ مع القيادة السياسية والبرلمانية والدينية الكمبودية
وفي إطار مهام رابطة العالم الإسلامي في تعزيز التعايش والوئام بين المجتمعات الوطنية ومن ذلك المكونات الإسلامية في دول التنوع الديني وخاصة أقليتها الدينية، وبدعوة رسمية من الجانب الكمبودي قام معالي الأمين العام للرابطة رئيس هيئة علماء المسلمين الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى بزيارة مملكة كمبوديا.
وقد عقد معالي الدكتور العيسى، خلال أول أيام الزيارة، لقاءاتٍ واجتماعاتٍ موسّعةً مع الرئاسات الحكومية والبرلمانية وأعضائها، حيث استقبله بدايةً دولة رئيس الوزراء بمملكة كمبوديا، السيد هون سين، بمقرّ الحكومة في العاصمة «بنوم بنه».
وأبدى معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي تقديره للأنموذج الوطني الكمبودي المتميز في تعايُشِه ووئام تَنَوُّعِه المجتمعي وخاصة احتفاءَهُ بمُكَوِّنِه الوطني الإسلامي وتَمْكِيْنِهِ الكامل مِن خصوصيته الدينية وكافة حقوقه الوطنية الأخرى.
فيما نوّه دولة السيد هون سين بتميُّز المكون الإسلامي في مملكة كمبوديا وانسجامه التام مع كامل أخوته الوطنية في صور من التلاحم والمحبة التي تعكس مستوى الوعي الديني والوطني لدى الجميع، مؤكدًا في هذا السياق التقدير والاحترام الكبير لخصوصية المكون الإسلامي الدينية، وحريته في ممارسة شعائره، وسعي دولته لتمكينه وفق دستور البلاد وقوانينه، كغيره من المكونات الكمبودية على حدٍّ سواءٍ.
كما التقى معاليه، بمعالي الوزير الأول بمملكة كمبوديا الدكتور عثمان حسن، الذي وصف زيارة الدكتور العيسى على رأس وفدٍ من رابطة العالم الإسلامي، بأنها زيارةٌ «تاريخيةٌ»، مؤكدًا أن الزيارة كانت محل احتفاءٍ واهتمامٍ كبيرٍ من الشعب الكمبودي كافة، ومن المكون الإسلامي بوجهٍ خاصٍّ، وملأت أخبارها وسائل الإعلام المختلفة، بما يتضمنه جدول أعمالها من لقاءاتٍ ووقفاتٍ مهمة وخاصة اللقاء بجلالة ملك كمبوديا ودولة رئيس الوزراء وكذلك رؤساء البرمان ومجلس الشيوخ وعدد من نواب رئيس مجلس الوزراء حاملي عدد من الحقائب الوزارية المهمة.
وقدّم الدكتور العيسى شكره لمعالي الوزير الأول، مبدياً سعادته بزيارة مملكة كمبوديا، ومنوّهًا بقيم المحبة والتسامح التي تميز بها الشعب الكمبودي.
وفي سياق زيارته الرسمية، حلّ معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي رئيس هيئة علماء المسلمين ضيفاً على البرلمان الكمبودي، في مقره بالعاصمة بنوم بنه، حيث اجتمع مع معالي الرئيس السيد هين صم رين، وأعضاء البرلمان.
ونوّه رئيس البرلمان بالدور العالمي و «المحوري» الذي تضطلع به الرابطة، في تعزيز وئام المجتمعات الوطنية، مؤكدًا أن المكون الإسلامي الكمبودي يعيش مع بقية المكونات الوطنية الحرية والمحبة وأن هذه القيمة الدستورية تمثل بالنسبة لمملكة كمبوديا ثابت وأولوية وطنية.
وشدَّد على حرص الحكومة على تمكين المسلمين في كمبوديا اجتماعياً واقتصادياً ليكون لهم تمثيلٌ فاعلٌ في الحكومة، وكذلك حرصها على حقوقهم وحرياتهم الدينية وممارسة شعائرهم.
كما استضاف مجلس الشيوخ الكمبودي برئاسة معالي السيد ساي تشوم، معالي الأمين لرابطة العالم الإسلامي، حيث جرى عقد اجتماعٍ مع رئيس المجلس وعددٍ من أعضائه، بحضور رئيس لجنة التعليم والأديان والثقافة والسياحة بالمجلس، ورئيس لجنة التحقيق والمراقبة ومكافحة الفساد، والوزير الأول للشؤون الإسلامية.
وثمّن رئيس مجلس الشيوخ زيارة معالي الدكتور العيسى باسم الشعوب الإسلامية المنضوية تحت مظلة رابطة العالم الإسلامي، منوهًا بأن زيارة معاليه «بسجله الدولي المعروف في إطار السمعة المتميزة للرابطة في التأليف بين أتباع الأديان والأعراق والثقافات» ستعزز وترسخ مستقبل العلاقات بين كمبوديا وشعوب العالم الإسلامي.
وأكد السيد تشي اعتزاز كمبوديا بمكونها الإسلامي، وحرصها على تأمين حقوقه كافة من دون تمييز، كما قدّم معاليه الشكر على وقوف الرابطة مع الشعب الكمبودي في أزماته كافة من دون تمييز، إغاثيًّا وصحيًّا وتعليميًّا.
ووصف السيد براك الزيارة بأنها «مهمةٌ جدًا»، مُعرِبًا عن تقديره العميق لاهتمام قيادة الرابطة وجهودها الكبيرة عالميًّا؛ لمواجهة التطرف والكراهية، وبناء الجسور بين أتباع الأديان والثقافات من أجل تعزيز قيم التسامح والتعايش بين الجميع.
من جانبه أكّد الدكتور العيسى أن الزيارة تعبِّر عن تقديرٍ كبيرٍ لمملكة كمبوديا، ولأنموذجها الرائع في التعايش والسلام حيث تجاوزت متاعب الماضي المؤلمة بإرادة وطنية صادقة تعكس الوعي الحقيقي والصادق للشعب الكمبودي المحب للسلام بكل معاني السلام ومتطلباته ومن ذلك العدالة الشاملة.
وضمن لقاءاته بالقيادات الكمبودية، التقى الدكتور العيسى بمعالي نائب رئيس الوزراء، وزير الداخلية، السيد سار خينج، حيث جرى مناقشة عددٍ من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، مُركِّزًا على قضايا السلم المجتمعي، ومؤكِّدًا الأهمية الكبرى لإسهام القيادات الدينية والمجتمعية، في تعزيز الأمن الوطني والدولي وقال: بأننا نعول كثيراً على هذا التواصل الذي تقوم به رابطة العالم الإسلامي بمشروعها الداعي لسلام المجتمعات المتنوعة دينياً وإثنياً وثقافياً من خلال أساليب التفاهم العملية والناجحة، وأكد أن هذا المشروع يبني المجتمعات الوطنية ويحفزها نحو التطور والنمو ويستأصل مع الوقت الأفكار الخاطئة أو الإجرامية من خلال إرادة المجتمع الواعي التي هي العنصر الأقوى في مواجهة تلك الأفكار المهددة للسلام والاستقرار، وأن الخطورة تكمن في اختراق المجتمع بأي أسلوب نهايته.
وثمّن الوزير إسهامات الرابطة الدولية على كافة الأصعدة الفكرية والإنسانية، ووقفتها المُقدَّرة مع مملكة كمبوديا خلال جائحة كورونا.