قال الدكتور محمد العيسى، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، إن «وثيقة مكة» تعدّ أول إجماع إسلامي من نوعه عبَّرَ عن كلمة علماء الشريعة الإسلامية تجاه قضايا معاصرة مهمة، وعدّ صدورها بإمضاء علماء من الطوائف والمذاهب الإسلامية كافة «يؤكد على مستوى التأثير الكبير والاستثنائي للوثيقة، وقد عكس هذا قرار الدول الإسلامية في اجتماع نيامي».
جاء ذلك ضمن الكلمة التي ألقاها الأمين العام للرابطة، أمام منتدى «وثيقة مكة المكرمة لتعزيز الوحدة والتعايش العالمي: تعاون الأديان من أجل الأمن والصحة والتنمية»، الذي احتضنته العاصمة الأميركية واشنطن، بشراكة بين كبرى المؤسسات الدينية الإسلامية وغير الإسلامية من مختلف الولايات الأميركية.
وتناول الدكتور العيسى في الجلسة الافتتاحية مضامين وثيقة مكة المكرمة، التي تضمنت الدعوة للتعايش بكامل الحقوق والواجبات مع التأكيد على كرامة الإنسان وحقه في الوجود بكامل حريته المشروعة، كما تؤكد على أهمية احترام وجود التنوع، مضيفاً، كما أنها تدعو إلى حوار وتحالف الحضارات وعدم الالتفات لنظرية صِدام وصراع الحضارات.
مذكراً، أن وثيقة مكة المكرمة، أمضاها أكثر من 1200 مفتٍ وعالم يمثلون 27 مذهباً وطائفة من كلّ التنوُّع لعلماء الشريعة الإسلامية دون استثناء، من 139 دولة.
وعقد المنتدى، بمشاركة أمين عام رابطة العالم الإسلامي، والمديرة التنفيذية لمكتب البيت الأبيض للشراكات القائمة على العقيدة والجوار ميليسا روجرز، ونخبة من قادة السياسة والفكر ورؤساء وأعضاء المراكز الفكرية والبحثية، وعدد من مختلف القيادات الدينية والأكاديمية، وشهد جلسة نقاشٍ افتتاحية، تلتها خمس ورش عمل موسعة، ناقشت موضوعات تتعلق بالحريات الدينية، وتعاون أتباع الأديان، إلى جانب القضايا الاجتماعية في مجتمعات الأقليات، ودور الاستجابة الدينية في أوقات الأزمات.
كما شهد المنتدى، عرضاً تفصيلياً لتخطيط وثيقة مكة المكرمة التنفيذي القائم على المقاصد العليا للشريعة الإسلامية، وهي الضروريات الخمس، والتي تمثل من حيث الأصل والعموم مشتركاً إنسانياً يؤمن به الجميع، إضافة إلى تخطيط الوثيقة على أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر المتفق عليها دولياً، والتي أعلنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة لتكون «مخططاً لتحقيق مستقبل أفضل وأكثر استدامة للجميع»، حيث تتلاقى مبادئ الوثيقة وأهداف التنمية المستدامة في القضايا الأساسية للعدالة والفقر والأضرار البيئية، وتخفيف حدة العنف وتعزيز السلام والتعايش، وغيرها من القضايا الأساسية حول العالم.
وتضمن العرض التفصيلي، إعلان تنفيذ أربعة برامج عالمية، انطلاقاً من مبادئ وثيقة مكة المكرمة التي تشمل «الدبلوماسية الدينية بقيمها المشتركة مع مختلف أتباع الأديان، وإشراك الشباب، والتمكين المشروع للمرأة، وبناء القدرات، والتي ستستمد أنشطتها من مجالات الاهتمام الإنساني والاجتماعي والاقتصادي على المستوى الدولي».
في حين ألقى عدد من المشاركين والحضور كلمات ومداخلات، ومن بينهم سياسيون وقيادات دينية بارزة من عموم أتباع الأديان بمختلف طوائفها المسيحية «الإنجيلية والكاثوليكية والمورمنية»، وقيادات دينية يهودية مستقلة، كما شهد المنتدى قيادات دينية إسلامية من الولايات كافة، إضافة إلى أسماء لمراكز فكرية في العاصمة واشنطن.