الإيمان بالنفس يوفر للإنسان شيئاً مهماً هو الوعى النفسى، ومعناه أن يكون الإنسان مدركاً للحقائق والأحداث على حقيقتها، والوعى له أعداء كثرٌ حتى تظل بضاعتهم رائجة فى الخداع والتضليل، وهم لا يخشون شيئاً إلا اليقظة والتفكير.
والوعى هو البلسم الذى يداوى الجراح، ويهدى الحائر ويعلى شأن الإنسان والأوطان، والشغل الشاغل لجماعات تغييب الوعى، هو احتلال منصات العقول وتلويث صفاء القلوب.
ولم يطرأ على الذوات المتحجرة لأهل الشر مقدار الجرم الذى جنوه فى حق الإسلام، وماذا تكون الصورة التى انطبعت فى ذاكرة العالم عن الإسلام الذى يدعون رفع رايته؟، فانطلقت تلك المنظمات الإرهابية تهتف زوراً وبُهتاناً باسم الإسلام، وتعيث فى الأرض تقتيلاً وقطعاً للأعناق وبتراً للرقاب.
ولم يدرك هؤلاء أن الجهاد الروحى يجب أن يمضى فى اتجاه مختلف لتحفيز الإنسانية لتوفر للجائعين والعراة والمرضى لقمة العيش وجرعة الدواء، والخلاص من الأنانية الفردية المقيتة التى أثمرتها الحضارات المادية.
المبادئ الإسلامية الصحيحة لها فعل السحر فى النفوس الظامئة إلى الحق، والتواقة إلى الأمن والعدل، وبلسماً لكثير من أوجاع العصر وشكاياته، لترقى الذات المسلمة من حال وجدانية نازلة، إلى حال أخرى صاعدة أكثر رفعة وبهاء، فتصبح الكائنات كلها لدى تلك الذات، نابضة بإكسير الحياة والجمال والحب والروح والسكينة.
أين الذات المسلمة الشفافة من أدبياتهم السوداء، بعد أن صنعوا فسطاطين: فسطاط الإيمان وفسطاط الكفر، وانطلق الأشرار يعيثون فى الأوطان تخريباً ودماء وأشلاء، بعد أن ساقوا بعض شباب الأمة إلى العداوة والبغضاء، متصورين كذباً أن ما يفعلونه هو الإيمان؟ انقلبت الرؤية الشفافة للذات المسلمة من النقيض إلى النقيض، فخيّل للأشرار أن الإسلام برحمته قد انزوى فى شهوة الاستئثار بالسلطة والقفز على الحكم، فأمسى حبيس لعبة السياسة والمناورات والألاعيب.
النظرة الشفافة للذات المسلمة الحقة، تسد الأبواب أمام الذين احترفوا دعاوى الإرهاب وفتاوى الشر المستطير، الذى أصبح مرتكزاً عقائدياً لجماعات العنف والذين استباحوا سمعة الناس وأعراضهم، والذين يبثون الشائعات والاغتيال المعنوى للآخرين.
نقلا عن صحيفة أخبار اليوم مصر30 مارس 2024