طالب الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي رئيس هيئة علماء المسلمين، الشيخ الدكتور محمد العيسى، بريادة أخلاقية أقوى تأثيرًا من أجل إحلال السلام في الشرق الأوسط، الذي يُقتل مع آلاف الأطفال المدفونين تحت الأنقاض في غزة.
وحذَّر العيسى من أن “الإجراءات العسكرية الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية تمزق نسيج إنسانيتنا الجماعية”، معتبرًا في مقال له، نشرته The Economist قبل أيام، أن “هجوم إسرائيل على غزة يعيد تعريف العلاقات بين المسلمين واليهود نحو الأسوأ في شتى أنحاء العالم”.
تداعيات مدمرة
وأبدى “العيسى” أسفه بأنه في الوقت الذي جرى فيه تكريس الوقت لرأب الصدع بين أتباع الأديان، ومن ذلك بين المسلمين واليهود، فإن هذا العمل “يتفكك على مرأى من الجميع”! محذرًا من تسبُّب ذلك في ظهور “خطوط تصدع جديدة داخل المدارس والجامعات، في السياسة ووسائل الإعلام، وعبر العديد من المجتمعات، وأن ذلك قد يؤدي إلى دوامة من التطرف. التداعيات قد تكون مدمرة، ويجب أن نفعل كل شيء لمنعهم”.
وشدد “العيسى” على أنه إذا كانت هجمات السابع من أكتوبر تستحق الشجب، وساهمت في فقدان الثقة بين المسلمين واليهود، إلا أن الحقيقة الثابتة هي أن الإسلام في جميع الأحوال ضد أي قتل للأبرياء.
وجدد “العيسى” التحذير من أن إصرار إسرائيل على مسار الدمار، ورغبتها في “تغيير مسار التاريخ”، يعني بشكل أو بآخر أن المتطرفين لم يعودوا على الهامش بل أصبحوا في قلب الحكومة الإسرائيلية “يختلقون الحقائق على أرض الواقع”، وأن “تصرفات المتطرفين ساهمت ليس فقط في الدمار المادي والخسائر في الأرواح، التي لا يمكن وصفها، بل إنها أيضًا تطفئ شرارة الثقة في المنطقة والعالم الأوسع”.
خسائر فقدان الثقة
وضرب “العيسى” أمثلة لخسائر فقدان الثقة بـ: استدعاءات السفراء، وتعطيل التجارة، ورفع ادعاءات الإبادة الجماعية في محكمة العدل الدولية. معتبرًا أن العنف أيضًا “يثير التطرف في جميع أنحاء الغرب، مع تشجيع الجماعات الدينية واليمينية المتطرفة، وتوجيه أصابع الاتهام إلى المسلمين المعتدلين واليهود”؛ وهو ما يعني إقحام الأديان في تلك الأحداث.
وانتقد “العيسى” تزامُن ذلك مع عدم القدرة الدولية على تخفيف حدة الصراع، وأن “الشلل في مجلس الأمن الدولي لم يؤدِّ إلا إلى تشجيع إسرائيل”.
وعرج “العيسى” على جهود الحوار بين أتباع الأديان، ولاسيما بين المسلمين واليهود، معتبرًا أنها “كانت رائجة في أوقات الاستقرار، وتواجه اليوم في ظل الأزمة اختبار فاعليتها الحقيقية”.
الحاجة لقيادة أخلاقية
وطالب “العيسى” بالتعلم من درس (أوشفيتز) مذكرًا بأنه – وبصفته رئيسًا لأكبر منظمة دينية إسلامية، مقرها في مكة المكرمة – قام بقيادة أول وفد من القادة الدينيين المسلمين إلى أوشفيتز في عام 2020م. وقال: “هناك كانت الوقفة إلى جانب القادة الدينيين اليهود ضد معاداة السامية”، (وهي وقفة عدالة متجردة ضد أساليب الكراهية كافة، ومن ذلك الإسلاموفوبيا التي شارك في حملتها مع المسلمين قادة دينيون يهود محايدون ومنصفون).
دور قادة الأديان
ولتحقيق ما وصفه “العيسى” بـ”دبلوماسية القلب” قال: “يمكنها الآن أن تقرب المجتمعات الدينية من بعضها، لكن لتحقيق ذلك يجب على القادة الدينيين جميعهم أن يقودوا من المقدمة. يجب أن ندعو بعضنا للحضور والتحدث في المناسبات الدينية. يجب أن نعمل على نداءات مشتركة من أجل السلام. وفي الوقت نفسه يجب أن نعارض أي افتراض بأن اليهود كلهم يدعمون السياسات الإسرائيلية في غزة أو الضفة الغربية”.
واعتبر “العيسى” أن “الأزمة في غزة ليست مجرد صراع إقليمي؛ إنها معركة لأجل قلوب وعقول الأجيال القادمة، التي ستضيع أمام السخرية والكراهية دون ريادة أخلاقية حاسمة اليوم”، وأنه “حان الوقت لنا جميعًا للبقاء مخلصين لقناعاتنا الأخلاقية. أدعو القادة اليهود للوقوف معي، والمطالبة بإنهاء هذه المأساة الآن”.
يُذكر أن The Economist هي مجلة أسبوعية ناطقة باللغة الإنجليزية، تهتم بنشر الأخبار والشؤون الدولية، وتحرر في لندن، وتمتلك تاريخًا عالميًّا عريقًا منذ تأسيسها في 1843، وتحتل مكانة رصينة في صحافة الموضوعية الدولية، وتستهدف الجمهور المثقف بالدرجة الأولى.