د. أحمد بن سعد آل مفرح*
في ١٤من ذي الحجة ١٣٨١هـ تم إنشاء رابطة العالم الإسلامي ومقرها مكة المكرمة، وتعنى بإيضاح حقيقية الإسلام، وتعزيز الصداقة بين الشعوب، وتم اعتمادها بصفة عضو مراقب بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي بين المنظمات الدولية غير الحكومية في الأمم المتحدة، وهي ممثلة في منظمة التعاون الإسلامي بصفة عضو مراقب، وعضو في منظمة اليونسكو وعضو في اليونيسيف.
وللرابطة العديد من الانجازات الإغاثية والدعوية والتوعوية، بالإضافة إلى دورها في لم شمل علماء ومفكري الأمة الإسلامية وتوحيد توجهاتهم نحو القضايا المصيرية المشتركة، وسعيها لرأب الصدع بين الفرقاء في القطر الواحد، وبصمتها في محاربة التطرف والكراهية، ومعاداة الإسلام، ودورها الريادي في الحوار والتفاهم والتعايش بين الثقافات والنحل والشرائع المختلفة، وقد توجت جهودها بمبادرات عالمية مهمة ويأتي في طليعتها وثيقة مكة المكرمة التي وقعت في رمضان ١٤٤٠هـ من قبل أكثر من ١٢٠٠ من العلماء والمفكرين والمثقفين المسلمين من جميع المذاهب والطرق في سابقة معاصرة منطلقة من مضامين وثيقة المدينة المنورة، التي عقدها في العهد النبوي الرسول الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وكان لها السبق في إطلاق متحف السيرة النبوية في المدينة المنورة والمعارض التابعة له في بعض الدول الإسلامية، ووظفت الرابطة ما توصلت إليه أحدث تقنيات المعارض التفاعلية في العالم، بحله جاذبة ومعلومة دقيقة وعروض شيقة، كما أطلقت مؤخراً الهيئة العالمية للحقوقيين للدفاع عن قضايا المسلمين العادلة بمهنية واحترافية عالية.
وتشارك الرابطة المنظمات الدولية في تقديم البرامج الإغاثية الإنسانية في دول العالم المختلفة، وبرامج التأهيل والتعليم والتدريب للمسلمين ولغيرهم من الفقراء والمحتاجين في خطوة كبيرة للاستثمار الحقيقي في الإنسان وقدراته لنقل المحتاجين من دائرة الرعاية إلى دوائر الإنتاجية والعفة ورفع العوز والفقر عنهم بكرامة وعزة.
وللرابطة مكاتب وتشرف على مراكز ومساجد في كل قارات العالم، فلها نحو ٣٩ مقراً في ٣٧ دولة حول العالم، مما جعلها بالفعل المنظمة الإسلامية التي لا تغيب عنها الشمس، ففي كل بلد يوجد للرابطة أثر وبصمة، ولها مكان بارز تخدم فيه الإسلام والمسلمين والإنسانية جمعاء، فدورها ومهامها لا تقتصر على خدمة أحد دون أحد، وأذرعها الحانية ممتدة للجميع بالرعاية والتوعية والحوار والتثقيف والتجسير والمحبة انطلاقاً من توجيه الله سبحانه وتعالى الرؤوف الرحيم بالناس أجمعين، وتحقيقاً لرسالة الإسلام الخالدة واتباعا لهدي الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فالرابطة تنشد الخيرية للشعوب والأمم وتعزز السلم والسلام والأمن للبشرية.
إن من يقف ويعاين جهود رابطة العالم الإسلامي اليوم ليشعر بالفخر بانتمائه لهذا الدين العظيم، وأما من اصطفاه الله بالمشاركة المباشرة في تلك الأعمال الجليلة وتلك الجهود الكبيرة فلا شك أنه يقدر ويلمس أثرها ويدرك عظم المسؤولية الملقاة عليه، ويتفهم متطلبات المستفدين أو المتطلعين لخدمات الرابطة ويعذرهم عند الحاحهم في الطلب، ويعتصره الألم إذا لم يتحقق لهم غاية أو ينفذ لهم مطلب.
إنه يتوجب على من أسندت إليه مهمة خدمة الإسلام ورعاية المسلمين وتبليغ دين الله أن يصبر ويصابر ويرابط ويتقي الله لعله يفلح ويفوز، وعليه أن يتخلى عن حظوظ نفسه المؤقتة والعابرة ويقدم المصلحة العامة الشاملة على مصلحته الشخصية الضيقة، فساعات وأوقات وأماكن العمل وإدارته في الخارج بالذات ليست كرسي وثير ولا حياة مترفه ولا أوقات أنس وضياع، إنها مسؤولية فيها من المشاق والتحديات ما الله به عليم، وفيها البعد والاغتراب وترك الوطن والأهل والأحباب، ولكن العزاء أن العمل في سبيل الله وابتغاء وجهه ومرضاته، وأن قبل الله ذلك فقد فاز وأفلح من صبر وصابر ورابط وأتقى الله، جعلنا الله منهم.
وفقنا الله إلى كل خير وأعاننا على بلوغ الغايات والآمال، وكتب أجر الداعمين والقائمين المخلصين على الرابطة ومكاتبها ومراكزها خير الجزاء.
=====================================
*مدير مكتب رابطة العالم الإسلامي بالنمسا – ڤيينا
نقلا عن: صحيفة المناطق الالكترونية السعودية
نشر في يوم 15 أكتوبر 2023