♕ محمد علي الحسيني
صحيفة مكة .. نشر بتاريخ الاثنين – 16 يناير 2023
تعد المتاحف المكان الذي يحتوي على تاريخ الشعوب وماضيها، وتكمن أهميتها في حفظ وحماية التراث الإنساني من الضياع، كما تهدف إلى حفظ الآثار والتحف القديمة لما لها من مكانة مقدسة في وجدان الأمم، كما تضم معلومات تفصيلية عن أحداث تاريخية مهمة باستخدام تقنيات علمية متطورة.
ولا شك أن التاريخ الإسلامي حافل بالآثار والتحف والأحداث، التي تؤرخ لمرحلة مهمة انطلق فيها هذا التاريخ وشهد كثيرا من التطورات التي جعلته راسخا منذ عقود، ليشكل حضارة قائمة بتراثها المتنوع والمتربع في مساحة جغرافية شاسعة، انطلقت من شبه الجزيرة العربية لتصل إلى المشرق والمغرب وفريقيا ودول شرق آسيا.
أهمية المتحف الدولي للسيرة النبوية في حفظ التراث الإسلامي
يشكل التاريخ الإسلامي جزءا لا يتجزأ من التاريخ الإنساني والحضاري، لذلك فمن المهم الاهتمام به وحفظه عبر تأسيس متاحف تاريخية، تكمن مهمتها الأولى والأخيرة في حفظ التراث الإسلامي. كما أنه من المهم جدا أن يكون المتحف سبيلا لتعريف جميع الأجيال بتاريخها باعتباره يشكل هوية لها، فمن لا تاريخ له لا حاضر ولا مستقبل له، ومن هنا تكمن أهمية المتاحف ودورها في إحياء التراث بكل أشكاله والتعريف به، في إطار ثقافي يتناسب مع متطلبات المجتمع.
وعلى هذا الأساس جاء العمل على تأسيس المتحف الدولي للسيرة النبوية عام 2006، وافتتاحه في الثالث فبراير من 2021، ليكون أعظم متحف يتربع على مساحة قدرها خمسة آلاف متر مربع في عاصمة الحضارة الإسلامية، مدينة رسول الله (صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم) «المدينة المنورة»، في الجهة الجنوبية للروضة المباركة بجوار المسجد النبوي الشريف، يهدف المتحف إلى التعريف بالإسلام وقيمه، ومبادئه، خلال عرض سيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم)، بناء على المصدرين الأساسيين للشريعة الإسلامية، وهما: القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وما يميز هذا المتحف استخدامه لوسائل عرض متطورة بتقنيات عالية الجودة.
دور رابطة العالم الإسلامي في رعاية المتحف الدولي للسيرة النبوية
بذلت رابطة العالم الإسلامي جهودا جبارة في رعاية المتحف الدولي للسيرة النبوية بتوجيه وإشراف ومتابعة شخصية دقيقة من معالي أمين عام رابطة العالم الإسلامي فضيلة الشيخ الدكتور محمد عبدالكريم العيسى، الذي عمل بجد ونشاط لافتتاح هذا المعرض التراثي التاريخي المهم، وحرص معاليه أن يتم استثمار كل التقنيات والآليات الحديثة لتحقيق نجاح نوعي يحافظ على تاريخنا الإسلامي من الاندثار، في ظل التحديات والموجات الدينية والثقافية التي تعصف وتهدد وتشوه بين الفترة والأخرى تاريخنا، فهذا المتحف هو بمثابة صمام أمان لحماية حضارتنا وتراثنا الإسلامي من كل ما يحاك لها من أخطار، بل هو جسر تواصل بين الحضارات والثقافات.
ولا شك أن هذا العمل يشكل قفزة نوعية ونقلة فنية وتقنية وطرحا جديدا ومعاصرا يحاكي التطور الحاصل لطرح السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي بشكل حضاري، كما يعد عملا سلميا فعالا وعملا دعويا متحضرا، رسخت فيه رابطة العالم الإسلامي كل قيم ومبادئ الإسلام الحضارية والإنسانية وتأكيدا على نجاحه طالبت عدة دول بأن يتم فتح فرع للمتحف وتحقق ذلك في المغرب والسنغال وباكستان وموريتانيا، على أمل أن ينتشر أكثر في المستقبل القريب لتعم الفائدة المرجوة: «وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون».